ما إن يدق العام الدراسي أبوابه حتى يخلع التلاميذ حلة الإجازة الصيفية ويعودوا لترتيب برنامجهم اليومي بين الذهاب إلى المدرسة، وتلقي الدروس ثمّ العودة لاستذكار الدروس ومرافقة أفراد الأسرة على مائدة الطعام، وأخيرًا الذهاب للفراش في وقت مبكر؛ ليحصلوا على القدر الكافي من النوم والراحة بعد الانشغال في الأعباء المدرسية.
لعل تنظيم وقت الطفل التلميذ مرتبط ارتباط وثيق بتنظيم وقت أفراد الأسرة بأكملها، ومما لا شك فيه أن فترة الدراسة هي أنسب الأوقات التي يتم فيها تدريب الطفل على مهارات إدارة الوقت التي تلازمه على مدار سنوات عمره.
موقع "لها أون لاين" في التقرير التالي يرصد عملية ترتيب الوقت والنظام في المنزل، بما يحقق مصلحة التلاميذ الصغار وجهود أولياء الأمور في ترتيب أوقات أولادهن خلال العام الدراسي ليحققوا النجاح والتفوق، تابع معنا.
الإجازة الصيفية مليئة بأوقات الفراغ، وأكثر ما يلجأ إليه التلاميذ خلالها: مشاهدة التلفزيون، وممارسة الألعاب الإلكترونية، سواء على شاشته أو شاشة الكمبيوتر، يقول أبو أسامة بدر -42 عامًا - من مدينة رفح ويعمل موظفا حكوميا:" إنه يعمد وزوجته إلى ترتيب الوقت والنظام في البيت من أجل تحقيق المصلحة العامة لمختلف أفراد الأسرة، ونيلهم قسطا من الراحة بعد يوم شاق من العمل أو الدراسة.
وبشيء من التفصيل يوضح أنهما يعمدا إلى وضع ضوابط لكل شيء في البيت، فعلى سبيل المثال يعمد إلى تحديد أوقات معينة لأطفاله لمشاهدة التلفزيون والجلوس أمام الكمبيوتر ومراقبتهم في تنفيذها، وذلك ليس تسلطا منه؛ وإنما ليحمي أطفاله من مخاطر تلك الوسائل التكنولوجية، سواء من الناحية السلوكية أو من ناحية التحصيل العلمي، لافتًا إلى أن الجلوس أوقات طويلة أمام التلفزيون يؤدي إلى ضعف التحصيل لدى الطفل، ويستكمل الرجل حديث لنا فيقول: "إنه يعمد أيضًا إلى مشاركة أطفاله في مشاهدة التلفاز؛ ليضمن عدم تعرضهم لأي من سلبياته الكثيرة في المضمون، كما وأنه يحدد لهم أنواع معينة من البرامج لمشاهدتها ويعمد إلى مناقشتهم فيها بأسلوب بسيط لتحقيق الفائدة لديهم مما شاهدوا".
ولا تختلف عنه أم عبد الله 31عامًا ولديها ثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية، تؤكد أن عدم تحديد أوقات معينة لمشاهدة التلفزيون تؤدي بالطفل إلى ملازمة المشاهدة، فلا ينفك عنها إلا وقت الخلود إلى النوم أو الخروج إلى المدرسة، لافتة إلى أن أكبر أطفالها أدهم في الصف الثالث الابتدائي لا ينفك عن مشاهدة التلفزيون! مما أثر على تحصيله الدراسي قليلًا في السنة الدراسية الأولى له، مما دعاها إلى تحديد أوقات معينة لمشاهدة التلفزيون، تقول عن تجربتها:"كنت أعود من العمل أجده أمام التلفزيون، وقد أهمل واجباته المدرسية!
وإذا ما ذهب لتأديتها يخرج بين الفينة والأخرى لمشاهدة التلفزيون؛ بحجة أنه يريد أن يشرب أو يقضي حاجته! لكني بفضل الله استطعت أن أغير من سلوكه" مؤكدة أنها عمدت إلى ضبط وتحديد مواعيد معينة لمشاهدته التلفزيون كما عمدت إلى ترتيب وتنظيم أوقاتها بما يعود بالفائدة على أدهم، بالإضافة إلى شرحها مخاطر التلفزيون له بطريقة سهلة وتشجيعه على الدراسة وإنجاز الواجبات؛ ليكبر ويترفع في الصفوف ويكون من المتفوقين والمميزين تمامًا كوالده، وتعلق:"الحمد لله استطعت أن أنأى بطفلي وأشقائه من بعده عن مخاطر التلفزيون على دراسته".
النوم المبكر للاستيقاظ مبكرا:
وتشير أم علاء البطة 30 عامًا، من مدينة خان يونس إلى أنها ومع بداية العام الدراسي تعمد إلى إعادة ترتيب برنامجها اليومي الذي تغير خلال الإجازة الصيفية الطويلة هذا العام، والتي امتدت قرابة ثلاثة أشهر، وبشيء من التفصيل تؤكد أن أولى خطواتها لإعادة ترتيب برنامجها اليومي بما يتوافق مع العودة إلى المدارس هي ضبط عملية النوم، والاستيقاظ لأطفالها الطلاب، فقد اتجهت إلى تعويدهم على النوم مبكرًا تدريجيًا قبل بدء العام الدراسي الجديد بأسبوع، وذلك من خلال التقليل من الأنشطة التي تسبب الإثارة قبل النوم بساعتين على الأقل، كمشاهدة التلفاز أو اللعب على الكمبيوتر.
وتضيف أنها اتخذت الأسلوب التدريجي ذاته؛ لتعويدهم على الاستيقاظ مبكرًا عبر تعريضهم للنور بفتح النوافذ وحثهم على الاستيقاظ؛ لبدء برنامجهم اليومي والذي قد حددته بالتوافق معهم سابقًا، لافتًا إلى أن بداية اليوم تكون بالتمارين الرياضية التي تمنح الجسم النشاط، ومن ثمَّ تناول وجبة الإفطار التي تمنحهم الطاقة والقدرة على مواصلة أنشطة برنامجهم اليومي.
أما أم ياسين ـ 25 عامًاـ فهي أم لطفل في الصف الثاني الابتدائي، فتشير إلى أنها تحرص على تنظيم وقت نوم ابنها مع بداية العام الدراسي، فتعمد إلى تعويده على النوم مبكرًا وذلك من خلال تقليل وقت الغفوة التي ينالها في ساعات النهار إلى مدة لا تتجاوز الثلاثين دقيقة في أحسن الأحوال، بالإضافة إلى أن أفضل ساعات النوم من الساعة العاشرة ليلًا إلى السادسة صباحًا، إلا أنها توعز إلى طفلها بالنوم قبل العاشرة.
وتضيف أن النوم الكافي يمنح طفلها الراحة البدنية والعقلية أيضًا، فإذا ما ذهب حل موعد الذهاب إلى المدرسة استيقظ مبكرًا بنشاط وحيوية. وتستكمل أنه خلال الدروس في الصف يبقى على تواصل وانتباه مع المدرس يشارك في الحصة غير متكاسل على حد تعبيرها.
تنظيم وقت المذاكرة:
ولعل تنظيم وقت المذاكرة ومراجعة الدروس وحل الواجبات المدرسية له دور كبير في شعور الطالب بالمسؤولية وينعكس إيجابيًا على مدى تحصيله العلمي، يشير يزن حسن - 10 أعوام - ويدرس بالصف الرابع الابتدائي الأساسي أن والدته منذ أن كان في مرحلة التمهيدي تحثه على تنظيم وقته، فيجعل وقتًا للدراسة ووقتًا للهو واللعب مع الأصدقاء، يخصص وقتا ثالثا لمشاهدة التلفزيون ووقتا آخر لمشاركة أسرته في أي نشاط اجتماعي أو ثقافي أو ترفيهي.
ويضيف الفتى الذي بدأ متحمسًا للحديث عن تجربته في تنظيم الوقت وانعكاسها على أدائه وتحصيله:"إن تنظيم وقت المذاكرة مهم جدًا، ولكن الأهم هو تحدي أي ظروف تخترق وقت المذاكرة كزيارة أحد الأقارب".
لافتًا إلى أنه يختلف عن وقت إنجاز الواجبات المدرسية المنزلية، فالمذاكرة لديه يعني الاستعداد للدروس التي ستشرح في اليوم التالي مع مراجعة الدروس السابقة، ويستكمل أنه يعمد إلى تطبيقها عمليًا مع والدته التي تحرص أيضًا على عدم اختراق وقت المذاكرة. مؤكدًا أنها ترتب وقتها وفقًا لأوقاتنا فهي تهتم بكل تفصيلها.
انعدام التنظيم:
ويختلف عنه سامر، ويؤكد الفتى الذي يدرس في الصف السادس الأساسي أن أوقاته الدراسية غير منظمة؛ والسبب والديه، فهو وشقيقته أمل في الصف الثاني الابتدائي يعودا من المدرسة فلا يجدا أحدًا باستقبالهم، فالوالدة تعمل في إحدى الوزارات والوالد كذلك صباحًا، وفي ساعات المساء أيضًا يعمل والده في شركة خاصة محاسبا.
ويتابع الفتى بمزيد من الألم أنه ينتظر وشقيقته عودة والدته من العمل عند الساعة الثالثة عصرًا لتعد وجبة الغذاء، ومن ثمَّ تناولها، وما إن تحين الساعة الرابعة حتى يبدأ بحل واجباته المدرسية، مؤكدًا أنه يقوم بها بمفرده لانشغال والدته بعد يوم عمل بتنظيف المنزل وترتيبه، ومن ثمَّ خلودها للراحة لساعة أخرى، بينما هو وشقيقته بعد أن ينهيا واجباتهم المدرسية يعمدا إلى مشاهدة التلفزيون أو اللعب على الكمبيوتر! دون تحديد وقت معين للعب أو مشاهدة التلفزيون؛ لغياب دور الأم والأب الذي ينتظرون عودته ليلقيا عليه تحية المساء ويخلدا للنوم عند العاشرة ليلًا.
وحول إذا ما كان عدم التنظيم في الوقت يؤثر على دراسته وتحصيله؟ أكد أنه يؤثر بالتأكيد، فهو فقط لا يذاكر دروسه فقط، بل يقوم بحل واجباته؛ لأن المذاكرة تحتاج إلى شرح، ولا أحد يشرح له في المنزل، فقط ينتظر شرح المدرس في اليوم التالي، ويتمنى سامر أن يسير على نظام في الدراسة لأن تنظيم الوقت يعينه على التفوق.
اسم الكاتب: محاسن أصرف
مصدر المقال: موقع لها أونلاين